فيصل بن سلطان آل سعود… ريشةٌ تنبض بالشعر، وقلبٌ يرى في الإنسان محوره الأول، وفنه مرآةٌ للوجدان. أميرٌ تشكيليٌّ لا يرسم بألوان فقط، بل بشعورٍ متدفق، تتحدث فيه اللوحة عن حالة روحانية مفعمة بالحب، والحياة، والتأمل.

من لوحاتٍ رسمها بين عامي 1999 و2006، إلى معرضٍ طاف به بين السعودية وبيروت، ثم توقّف طويل بسبب انشغاله، عاد اليوم ليمنح اللوحة ما تستحق من اهتمام. لوحاتٌ جديدة، نابضة، لم تُعرض سابقًا لأنها خُلقت لتُرى مستقلة، وتأخذ مكانها في ذاكرة العين.

الفن عند الأمير فيصل ليس لحظة… بل حالة دائمة. الإلهام لا يأتي فجأة، بل يتربص بروح الفنان، يخزّن الصور والمواقف، ويُخرجها حين تنضج داخل الذاكرة والعاطفة. يرى نفسه كإنسان قبل أن يكون فنانًا، والتوثيق الفني لحياة الإنسان من حوله هو فعل مسؤولية، لا ترف.

ومن الريشة إلى السينما، شغفٌ حقيقي بالعدسة، بالكاميرا، بسحر الصورة المتحركة. لم يكن دخوله إلى هوليود بهدف الشهرة، بل بدافع الحب للفن، للرؤية، وللإنتاج الرفيع. أنتج فيلمين مستقلّين، يراها بداية لا تمثّل سقف طموحه، بل مجرد خطوته الأولى نحو الحلم الكبير: أن يكون حاضرًا في كل تفاصيل العمل، من السكريبت إلى المونتاج، وأن يصنع عملاً يحمل هويته، ويليق باسمه ومبادئه.

فهو لا ينسى اسمه ولا يختبئ خلفه، بل يعتبره مسؤولية. لقبٌ وُلد به، لكنه يراه تكليفًا قبل أن يكون تشريفًا. يختار أعماله بعناية، ويحرص أن تكون مرآة لذوقٍ رفيع، ورسالة تحترم الدين والقيم والناس.

يرى الأمير فيصل أن الفن جسرُ تواصل، ورسالة قد تُصلح ما أفسدته السياسة. لذلك يحلم بصناعة أفلام عربية بروح عالمية، بإنتاج أمريكي يعبر الحدود، لكنه يحمل بداخل شاشاته تراث الجزيرة، ومواهب شبابها. لا يسعى إلى التصفيق، بل إلى التأثير؛ لا إلى البطولة، بل إلى بناء جسر بين الشرق والغرب.

هو رسّامٌ يكتب الشعر… لا شاعرٌ يرسم. موهبة لا تقف عند إطار لوحة، أو قافية بيت، بل تتنقل بين الكلمة، واللون، والصوت، والكاميرا.

وفي النهاية، لا يسعى أن يُكتب عنه الكثير، بل أن تتحدث أعماله عنه. أن يُذكر اسمه مقترنًا بالجمال، بالرسالة، وبفنٍ يليق بالإنسان.